إزالة الكربون هي المحور الأساسي لاستراتيجيات التنقل الحضري المستدام والذكي، التي تعتمد على الحلول المبتكرة والسياسات الصحيحة، والشراكات الفعالة لتحقيق نقل محايد مناخياً. ويتطلب نجاح هذه الاستراتيجيات تغيير السلوكيات من قِبل المستخدمين؛ لذلك توجب على سلطات المدينة والسلطات الإقليمية أن تجعل من توعية المجتمع والمشاركة أولوية في سبيل تحقيق أهداف إزالة الكربون. كانت هذه المحاور هي الرسالة الرئيسة في الندوة الإلكترونية الافتتاحية للمؤتمر العالمي لأنظمة النقل الذكية، والتي استضافتها منظمة إرتيكو المنسقة لجلسات المؤتمر في 27 مارس هي الأولى ضمن سلسلة من ثلاث ندوات تركز على محاور المؤتمر العالمي الثلاثين لأنظمة النقل الذكية في دبي في سبتمبر المقبل. في هذه الندوة الإلكترونية وتحت عنوان “إزالة الكربون من التنقل الحضري”، سلّط الخبراء من جميع أنحاء العالم الضوء على الحلول التي تسهم في التحول إلى أنظمة نقل حضري قائمة على الرقمنة والأتمتة، والاتصال، والكهرباء، والتنقل المشترك، والتخطيط الحضري الأفضل. وأكد المتحدثون أهمية مشاركة أصحاب المصلحة، والامتثال للمعايير، والتعاون بين مختلف الجهات لتعزيز التحول نحو التنقل الحضري الأخضر والفعّال.
تناول جوست فانتوم، الرئيس التنفيذي لمنظمة إرتيكو ، تحديات التنقل التي تواجهها المدن في جميع أنحاء العالم، لا سيما فيما يتعلق بالازدحام والتلوث، وسهولة الوصول، والبنية التحتية. كما عرض بعض الحلول التقنية الناشئة مثل تبادل البيانات، وأشار أيضاً إلى بعض التدابير التي يتخذها الاتحاد الأوروبي لتعزيز حلول النقل للمدن الأوروبية من خلال مبادرات مثل CIVITAS وSUMPs، ومن المشاريع الممولة. وأوضح السيد فانتوم أن جهود الاتحاد الأوروبي نحو إزالة الكربون تتجاوز الحظر المخطط له في عام 2035 على مبيعات المركبات الجديدة المزودة بالبنزين والديزل، وأن ترويج وسائل التنقل المرن سيلعب دوراً رئيساً في السياق الحضري. وقال: “لدينا إعلان بشأن ركوب الدراجات، وهو طموحنا هنا في الاتحاد الأوروبي (EU 27) حيث مضاعفة قدرات ركوب الدراجات في أوروبا”.
وأوضحت سوزانا كراك، مسؤولة السياسات في المفوضية الأوروبية، الطريقة التي يستجيب بها النقل للمبادرات الرئيسة، مثل الصفقة الخضراء للاتحاد الأوروبي، والتي تهدف إلى جعل الاتحاد الأوروبي محايداً للمناخ بحلول عام 2050 ، وأن تغير المناخ هو أحد أكبر التحديات الجماعية التي نواجهها، مما يتطلب استراتيجية وخطة عمل جماعية للتمكّن من النهوض والتصدي لهذا التحدي، وهذا هو ما تدور حوله الصفقة الخضراء بالفعل، حيث توفيؤ فرصة للصناعات في الاتحاد الأوروبي لخلق أسواق للتقنيات والمنتجات النظيفة، وأيضاً لقطاع النقل بشكل خاص لتوفير وسائل نقل نظيفة وذكية، وسهلة المنال، وبأسعار معقولة للجميع.”
وتحدثت السيدة كراك عن الحوافز الـ 82 كجزء من استراتيجية الاتحاد الأوروبي للتنقل المستدام والذكي في عشرة مجالات رئيسة للعمل، بما في ذلك الالتزام الأوروبي بمضاعفة السكك الحديدية عالية السرعة في غضون عشر سنوات، ونشر التنقل الآلي على نطاق واسع، وأن يكون السفر الجماعي المجدول للرحلات التي تقل مسافتها عن 500 كم عبر وسائط خالية من الكربون.
وقدّم خالد العوضي، مدير أنظمة المواصلات في هيئة الطرق والمواصلات في دبي، ورقة المدينة المستضيفة للمؤتمر العالمي لأنظمة النقل الذكية، تناولت التنقل الذكي دون سائق عبر مختلف وسائل النقل، بما في ذلك الخطة المستهدفة لتوفير خدمة التاكسي الجوي بحلول 2026 كعامل تمكين رئيس. ويعتمد مفهوم مدينة الـ 20 دقيقة في دبي بشكل كبير على التخطيط الحضري الجيد، والدعم المتوقع لوسائل النقل النشطة. وهناك خطط لتعزيز سهولة المشي ونشر ثقافة ركوب الدراجات الهوائية للرياضة والتنقل. وتمتاز دبي بعدد من مسارات ركوب الدراجات الهوائية، ومن أكثرها إثارة للإعجاب مسار “لوب”، وهو عبارة عن طريق سريع للمشاة وركوب الدراجات الهوائية بطول 93 كيلومتراً يتم التحكم في درجة حرارته، مما أدى إلى زيادة كبيرة في معدلات ركوب الدراجات الهوائية. وقال السيد العوضي: “لقد أعلنا أيضاً عن خطة لتوسيع هذا المسار ليشمل أكثر من 100 كيلومتر إضافية في السنوات الثلاث المقبلة، وربط المناطق التي لا تتوفر بها تسهيلات مساعدة لركوب الدراجات الهوائية، عبر مسارات مخصصة في مختلف المجتمعات والمناطق المختلفة في جميع أنحاء مدينة دبي”.
تنتمي تامبيري إلى واحدة من مجموعة 100 مدينة أوروبية اختارها الاتحاد الأوروبي كمدن ذكية ومحايدة مناخياً بحلول عام 2030.
وفي مارس من هذا العام، حلّت تامبيري من بين 23 مدينة مُنحت “علامة المهمة” من قِبل المفوضية الأوروبية لنجاحها في تحديد استراتيجيتها وخطة عملها نحو الحياد المناخي في عقد المدينة المناخية. ويتمثل جزء مهم من هذا العقد في تحديد استراتيجية الاستثمار. وتتولى ميكا كولمالا من مدينة تامبيري في فنلندا تنفيذ استراتيجية لتوفير نظام مستدام ورقمي للمواصلات بحلول عام 2030. “وهذا يعني تبنّي أساليب رائدة في تنفيذ مشتريات الابتكارات والتقنيات والبيانات والمعلومات الجديدة. إن القيام بمشتريات مبتكرة يعتبر طريقة جيدة للغاية لاتخاذ إجراءات ملموسة، والتي يجب أن تتم من خلال استخدام عمليات البيانات والتعاون، واتخاذ القرارات السياسية الصعبة”.
وشدد الدكتور يونغ – جون مون على ضرورة إشراك أصحاب المصلحة في جانب آخر من جوانب التنقل المستدام في المستقبل – وهو التقييس الدولي. واستشهد بإعلان “ايزو لندن بشأن تغير المناخ” الذي يلتزم بتسهيل مشاركة المجتمع المدني والفئات الأكثر عرضة لتغير المناخ في تطوير المعايير الدولية. وقال جون مون: “في مجتمعنا لأنظمة النقل الذكية، يتعين علينا عادة التركيز على دواعي أهمية التحول الرقمي والكهرباء لجعل مجتمعنا مستداماً للمستقبل من خلال إزالة الكربون من مدننا”. وعرض خطط مدينة سيجونغ، العاصمة الجديدة لكوريا الجنوبية، والتي قامت بإنشاء بنية تحتية رقمية قوية. ومن المتصور أن تكون المدينة خالية من الكربون ومجهزة بالكامل لوسائل النقل الكهربائية والآلية، مع التركيز على المساحات التي تتمحور حول الإنسان. وذكر جون مون أن المفتاح هو حث الناس على تغيير أنماط رحلاتهم عبر تجنّب المركبات الشخصية للمسافات قصيرة، والاستعاضة عنها باستخدام بدائل مثل التنقل الكهربائي، والرحلات الآلية المتكررة، ووسائل النقل العام.
ودعت كارول شفايجر إلى استخدام المغريات لإحداث تغيير سلوكي نحو وسائل أكثر استدامة. وقالت: “نحن بحاجة إلى التأكد من أننا نقدم ما يكفي من تلك الخدمات التي تنافس في الواقع استخدام مركبة ذات راكب واحد، وأعتقد أن هذا هو التحدي الأكبر.” وقدمت شفايجر رؤى حول المخطط الوطني الأمريكي لإزالة الكربون، وهي مبادرة مشتركة بين وكالة حماية البيئة ووزارات النقل والطاقة والإسكان والتنمية الحضرية. وتتمثل مبادئها التوجيهية الخمسة في: تنفيذ إجراءات جريئة لتحقيق نتائج قابلة للقياس، وإطلاق الريادة الأمريكية، وزيادة التعاون، وتبنّي الحلول الإبداعية عبر نظام المواصلات، وضمان السلامة والمساواة وسهولة الوصول. وتركز استراتيجيات إزالة الكربون في مجال المواصلات على استخدام الأراضي الأكثر ملاءمة، وخيارات السفر الفعّال، والوقود النظيف.
“إذا سأل أي شخص، ما الذي يفعله المهندسون لإزالة الكربون من التنقل الحضري على وجه الخصوص فيما يتعلق بالمعايير،” علق المضيف فلاديمير فوروتوفيتش، مدير الإستراتيجية والابتكار في ERTICO – ITS Europe، “إنهم يقدمون الأدوات والإرشادات حول كيفية قياس وتحقيق ومشاهدة الفرق.”. كما أدار فوروتوفيتش حلقة النقاش بتفصيل برنامج ERTICO City Moonshot، الذي يهدف إلى إجراء مقابلات مع 300 مدينة حول العالم لفهم احتياجاتها ومتطلباتها فيما يتعلق بالتنقل والمواصلات. ووعد بمزيد من التفاصيل حول هذا المشروع المهم عندما تجتمع أطراف الصناعة في المؤتمر العالمي بدبي.
شاهد التسجيل الكامل للندوة الإلكترونية هنا!
انضم إلينا في الندوة الإلكترونية الثانية في 16 مايو الساعة 14:00 -15:00 بالتوقيت الصيفي لأوروبا الوسطى حول موضوع التنقل النظيف والاقتصادي. سجّل هنا!