السمة المميزة للمدينة الذكية هي أنظمة النقل المبتكرة. وهذا هو الحال في دبي التي تستعد لإطلاق التاكسي الجوي بحلول 2026: حيث وقّعت هيئة الطرق والمواصلات في دبي وشركة ” سكاي بورتس إنفراستركتشر”، ومقرها المملكة المتحدة، وشركة ” جوبي أفييشن” التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، اتفاقية تلتزم بموجبها بتوفير هذه الخدمة للركاب.
أما بالنسبة لكيفية عملها، فسيتم تطوير أربع محطات للتاكسي الجوي؛ بالقرب من مطار دبي الدولي، وفي نخلة جميرا، و في وسط مدينة دبي، و في منطقة مرسى دبي، حيث يمكن للطائرات الكهربائية ذات الإقلاع والهبوط العمودي الكهربائي (eVTOL) – العمل من خلالها. ومن المتوقع أن تستغرق الرحلة من المطار إلى نخلة جميرا 10 دقائق بالتاكسي الجوي، مقارنةً بـ 45 دقيقة بالسيارة. ويمكن للتاكسي الطائر أن يتسع لطيار وأربعة ركاب، وكذلك التحليق بسرعة قصوى تبلغ 320 كيلومتراً في الساعة.
الطائرة التي سيتم استخدامها لهذا الغرض هي طائرة جوبي للطيران S4 التي تحتوي على ست مراوح وأربع حزم بطاريات. وهي أخف ضجيجاً 100 مرة من الطائرة المروحية، ويمكنها الإقلاع والهبوط عمودياً.
وقد ضمنت مثل هذه المبادرات أن تكون دبي المستضيف المثالي للمؤتمر العالمي الثلاثين لأنظمة النقل الذكية في دبي. وتنظم هذا الحدث الدولي ERTICO – ITS Europe وهيئة الطرق والمواصلات بدبي. وسيُعقد في المدينة في الفترة من 16 إلى 20 سبتمبر 2024.
ويشكل المؤتمر العالمي لأنظمة النقل الذكية منصة لقادة الفكر، وصُنّاع السياسات، وخبراء الصناعة، والمبتكرين، لتبادل الأفكار وعرض التطورات، ورسم مسار مستقبل النقل.
خطط التنقل الاستراتيجية لهيئة الطرق والمواصلات
لدى هيئة الطرق والمواصلات خطة طموحة لإطلاق مفهوم “مدينة الـ20 دقيقة”. وقد صُممت الخطة الاستراتيجية 2024-2030 لدعم تطوير الطرق وأنظمة النقل، بحيث تضمن الوصول إلى 80% من الخدمات اليومية في غضون 20 دقيقة مشياً أو عبر ركوب الدراجات الهوائية.
وهكذا، تستثمر دبي في العديد من المبادرات لضمان سلاسة سير العمل في المدينة. أحد هذه المشاريع هو تحسين شارع الخيل بتكلفة تبلغ 700 مليون درهم. يمتد نطاق عمل هذا المشروع عبر 6,820 متراً على طول شارع الخيل، وسيشمل مناطق زعبيل، وميدان، والقوز 1 ، وغدير الطير، وقرية جميرا الدائرية. وتتمثل الأهداف الرئيسة للمشروع في توسيع الطاقة الاستيعابية للطريق الحالي، وتخفيف الازدحام، وتسهيل حركة المرور.
ومن بين المشاريع الأخرى التي تهدف إلى تخفيف الازدحام على الطرق، مشروع تطوير شارع حصة بتكلفة 689 مليون درهم، ومشروع تطوير محور الشندغة، ومشروع طريق أم سقيم.
ولا تقتصر التحسينات على الطرقات فحسب، بل تشمل أيضاً معابر المشاة، مثل مشروع إشارات المشاة الذكية الذي يعمل على أجهزة استشعار متصلة بنظام بصري أرضي متزامن مع آلية تشغيل الإشارة الضوئية.
وقال محمد آل علي، مدير إدارة أنظمة المرور الذكية بمؤسسة المرور والطرق في هيئة الطرق والمواصلات في تصريح عبر المكتب الإعلامي لحكومة دبي: “يتعرّف النظام إلى حركة المشاة على الرصيف (قبل عبور الشارع) وإلى معبر المشاة (أثناء العبور). وهذا يعزز وبشكل كبير سلامة المشاة، وكفاءة تشغيل الإشارات الضوئية بحيث يضمن إدارة أفضل لتوقيت الإشارات.”
المركبات ذاتية القيادة
من بين المبادرات التي يتم اختبارها حالياً، نشر المركبات ذاتية القيادة. ففي شهر ديسمبر الماضي، قام سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بأول رحلة استعراضية بمركبة كروز ذاتية القيادة من شفروليه بولت في جميرا 1.
وقبل ذلك، في أبريل 2023، كانت كروز قد بدأت في إعداد الخرائط الرقمية لمركبات كروز ذاتية القيادة في منطقة جميرا 1 تحت إشراف سائقي السلامة. وتضمنت العملية استخدام تقنية كروز لرسم الخرائط عالية الدقة للبيئة المحيطة باستخدام مركبات رسم الخرائط المجهزة خصيصاً والمزوّدة بأجهزة استشعار وكاميرات.
وأضاف آل علي: “ستلعب المركبات ذاتية القيادة دوراً محورياً في تقديم حلول مبتكرة لتحديات النقل، والحد من الازدحام المروري في المناطق الحضرية، ورفع مستوى السلامة على الطرقات“.
ويوجد في دبي، أيضاً، أطول خط مترو مؤتمت بالكامل دون سائق في العالم. ولا يزال الخط الأحمر، الذي يربط قلب دبي بباقي أنحاء المدينة، أطول خط مترو دون سائق في العالم.
والآن، تعمل المدينة على توسيع شبكتها بالخط الأزرق، والذي من المتوقع أن يبدأ تشغيله في عام 2029. وهذا التركيز الذي توليه هيئة الطرق والمواصلات في دبي لأنظمة النقل العام بدأ جني ثماره.
التقنية المتطورة
من المبادرات الأخرى المثيرة للاهتمام التي تقوم بها هيئة الطرق والمواصلات في دبي، تجربة الروبوت الذكي الذي يراقب المخالفات المتعلقة بوسائل التنقل المرن في دبي، بدءاً من هذا الشهر.
يستخدم الروبوت تقنية متطورة ويمكنه تحديد المخالفات بدقة تزيد على 85%. كما أنه يعطي تغذية راجعة للبيانات في خمس ثوانٍ، ويصل مدى مراقبته إلى كيلومترين. كما أنه مصمم للعمل في مختلف الظروف الجوية. وتم تزويده بأجهزة استشعار، بحيث تستجيب وتتوقف كلما اقتربت لمسافة 1.5 متر من أي جسم أو شخص.
ومن المبادرات الأخرى التي يجري النظر فيها نظام (Floc Duo Rail system)، نظام مسارات مزدوجة تسمح لوحدات النقل بالتحرك بكفاءة وسرعة، ونظام تشغيل (Rail Bus)، وهي مركبات تسير على جسر مزوّد بألواح شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لتشغيل النظام.
تستعد دبي لاستضافة المؤتمر العالمي لأنظمة النقل الذكية 2024، وهو الحدث الأبرز في مجال التنقل الذكي ورقمنة النقل، ولدى المدينة الكثير لتساهم به من حيث الاستراتيجية والتخطيط.
يعزّز المؤتمر الشراكات بين القطاعين العام والخاص والأوساط الأكاديمية وأصحاب المصلحة في هذا المجال، ويهدف إلى تسريع نشر الحلول المبتكرة، ودفع عجلة التغيير الهادف على نطاق عالمي.
تماماً كما تفعل دبي.